٠٩‏/١١‏/٢٠٠٧

مؤامرة الصمت ... وقفه واجبه مع النفس

مؤامرة الصمت ... وقفه واجبه مع النفس

حرب عالميه وليست مجرد حرب

نشر تقرير من مركز البحوث العالميه بكندا الذي يهتم بالقضايا الاستراتيجيه كتبه ماك كودوفسكي انتهي بتحذير شديد "ان كارثة اكبر من كارثه تشرنوبيل ستقع في المنطقه من شرق المتوسط حتي الحدود الغربيه للصين" وتساءل عن التجاهل العالمي لابعاد التخطيط الامريكي للمواجهه مع ايران، وقراراستخدام كافة الامكانات في الترسانه الامريكيه من اسلحه او ذخائر، مشيرا انها بالفعل حربا عالميه يجري الاعداد لها منذ سنوات وان خططها انتهت في منتصف 2005 ، وان الاعداد للعمليات شمل القيادات العسكريه حيث تمت التغييرات لتولي جنرالات مقتنعين بوجهة نظر الاداره الامريكيه لمواقع القياده المباشره للعمليات او توجيهها ولم يتم التمديد لمن انتهت خدمتهم ومع حركة التباديل داخل مستويات القاده تم جلب باقي القاده الي المواقع المباشره لقيادة العمليات وتولي الادميرال ماك مولين مهمة رئاسة هيئة الاركان المشتركه وهو الرجل الذي كانت مهمته التنسيق في تدريب القوات البحريه "لعبة الحرب" علي الشاطئ الايراني 2006/2007 وتم تغيير اربع قاده آخرين منهم نائب مولين وقادة المنطقه المركزيه والباسفيك والقياده الاستراتيجيه وانشئت قياده جديده للعمليت المشتركه العالميه وتتولي هي والقياده الاستراتيجيه "عمليات الهجوم المشترك".

وصدر التوجيه الرئاسي للامن القومي في مايو 2004رقم NSPD 35 والذي لم يكشف مضمونه حتي اثناء مناقشته بالكونجرس، ويتعلق باستخدام الاسلحه النوويه التكتيكيه في مسرح عمليات الشرق الاوسط وفق الخطه (CONCEPT PLAN) 8022 CONPLAN والتي تتضمن الاستخدام السريع للاسلحه النوويه والتقليديه لمواجهة "الاهداف العاجله" في اي مكان في العالم. وهي تسمح باستخدام كافة الامكانات التي كانت متوفره بخطط الحرب البارده الاستراتيجيه.

وتنضم الآن حاملتي الطائرات "نيميتز" و"ترومان" ومجموعات القتال المصاحبه لها الي حاملة الطائرات "انتربرايز" الموجوده بالخليج. وتم نقل القنابل التكتيكيه الي القواعد الامريكيه في اوروبا، ووضعت كافة القاذفات الاستراتيجيه تحت إمرة الخطه وكذلك الصواريخ البالستيه.

وتستكمل الخطه ابعاد التحالف والمهام للاعضاء الاربع " امريكا وبريطانيا واسرائيل والناتو" وتتحدث عن دور لتركيا.

ونضيف أن تركيا (الاسلاميه حكومة ورئيسا وبرلمانا والموقعه علي معاهدات عسكريه مع اسرائيل)!! العضو في حزب الناتو والتي اتخذ الكونجرس الامريكي موقفا في مواجهتها بشأن مذابح الارمن ، وتلجمها امريكا من التصرف بحرية في شأن المواجهة مع حزب العمال الكردستاني ،أوالاكراد في شمال العراق، تركيا باتت لغزا فالتقسيم ليس ببعيد عنها رغم أن خيارها الانضواء تحت العباءه الامريكيه، ويبقي سؤال له موضعه من الحقيقه، مامعني أن العسكريه التركيه علمانيه، وراعيه لها، هل يشيرون بذلك الي الجنرالات اليهود بقيادة الجيش التركي وتوجهاتهم ؟.

يخلص التقرير اننا بصدد "حرب عالميه" تستخدم فيها القنابل النوويه ، لا يتحكم احد في تداعياتها، وليست "مجرد حرب"، ويؤكد ان المحافظين الجدد "والرجل" الذي يعني به ديك تشيني ومجموعة العمل معه لا تري اي مخرج دبلوماسي للمواجهة مع ايران.ويتساءل "لماذا "مؤامرة الصمت" العالميه تجاه الجرائم التي قامت بها ادارة بوش والتي تستكملها في ايران ؟".

ويأخذ التقرير علي جماعات اليسار والمنظمات المناهضه للحرب "خلط الامور"، فيتهمون ايران انها نظام معاد لحقوق الانسان لموقف من المرأه او المثليين او اليهود ويتغاضون عن "جرائم القتل الامريكيه". وذلك لان النظام في ايران اسلامي!!!

كان واجبا ان نعرض لهذه الدراسه الاستراتيجيه وهي تخرج من هناك، حتي ان الكاتب يأخذ علي الاعلام الغربي التغييب المتعمد للمعلومات.

وكانت وكالات الانباء قد نقلت عن موقع الانترنت الخاص بقناة الجزيره القطريه خبرا نقلا عن مصادر عربيه واسرائيليه مفاده ان طائرتين من سلاح الجو الامريكي تحمل كل منهما قنبله نوويه تكتيكيه هي التي قصفت شمال سوريا بقنبلة نوويه تكتيكيه واحده ودمرت المنشأ تماما، وان الطائرات الاسرائيليه كانت تتولي مهمه التغطيه... ولعل هذا الخبر يجد دعمه في مضمون الخطه CONPLAN 8022 وفق مفهوم التعامل مع "الاهداف العاجله"، وقد نشرت صحيفة الجيروزاليم بوست الخبر نقلا عن الجزيره دون تعقيب!.

وهنا ايضا نمسك "بجمرة" الحقيقه فلم تعد المناورات الاسرائيليه في الجولان او في الجليل الاعلي في مواجهة الجنوب اللبناني، مجرد محاولة لاسترداد هيبة جيش العدو الصهيوني بعد هزيمته في 2006، ولكن اعادة قراءتها في اطار مخطط الحرب مع ايران يزيل الغموض عن اهدافها ، وتداول الاعلام معلومات ان اسرائيل كانت تنوي شن هجوما علي سوريا منذ 15 يوما الا ان التدخل الصيني الروسي الجم الموقف !، الا انني اري ان اي تحرك اسرائيلي سيظل مندرجا في الاطار الاستراتيجي الامريكي ولن ينفرد بعمل إلا اذا تراجعت الاداره الامريكيه عن موقفها ، او تركت الوقت يمضي "بتراخ"، أي ان الداعيه للحرب "الرجل : ديك تشيني" وأن المراقب لتحقيقها "اسرائيل". حتي ان اسرائيل حرصت ان تستدعي الدعم الامريكي ــ وهو دائم ــ لعملية الاجتياح لقطاع غزه الجاري تنفيذها علي مهل وسط صمت عربي مريب.

ها هو المسرح مكشوفا و في الاطار الدبلوماسي عادت ليفني من الصين بنتائج سلبيه وتبين ان الموقف الصيني يلازم الموقف الروسي بضرورة الحوار والتفاوض والنفس الطويل مع ايران، وليس الحصار المتصاعد والحرب. ولم تخف ليفني وجهة نظرها: «آن الأوان لاتخاذ خطوات أشد، وأكثر أهمية وفورية بحق إيران». وأعربت عن الخشية من مرور الوقت.

و تنتظر الدول الدائمة العضويه بمجلس الامن بالاضافه الي المانيا، تقريرين من البرادعي وسولانا ، واوجب المتحدث بالخارجيه البريطانيه ان يتضمن التقريران "نتائج ايجابيه للاتصالات" ولم يعلن معني النتائج الايجابيه، التوقف عن التخصيب ، ام ان المشروع سلمي ويستمر التخصيب؟؟ وسيجتمعون في 19 نوفمبر القادم بوجهتي نظر(4 ضد 2 ) ، امريكا وبريطانيا وفرنسا والمانيا مع قرار جديد لمجلس الامن لزيادة الحصار، وروسيا والصين تعترضان. وطالبت الخارجيه الامريكيه ان تتحرك الدبلوماسيه بسرعه اكبر !!

تعجل امريكي اسرائيلي اوروبي "لحرب نوويه" ... وصمت عالمي يصل حد التآمر !

الم يحن الوقت لوقفة موضوعيه مع النفس؟

لن نمل القول اننا بدون استراتيجية للامن القومي العربي سنظل نراوح اماكننا في وضع المفعول به قوميا، وسنظل نشارك العالم مؤامرة الصمت الكبري، ولكن الفارق ان العالم لن يدفع ثمنا مباشرا كما ندفع نحن هنا، وكما دفعت شعوبنا الثمن مرات متعاقبه دون ان نحافظ علي ما حققناه. وظلت مقولة ان القضيه الفلسطينيه هي القضيه المركزيه للامن القومي العربي حتي جاءت كمب ديفيد، او تفريط السياسه فيما انجزه السلاح، ونظرة مباشرة علي تصريح اسرائيلي اعترض علي مناورات عسكريه مصريه تضمنت عبور قناة السويس الي الشرق، يوضح لنا كيف ندفع الثمن مرات ونظل دون تحقيق النتائج، فكمب ديفيد وضعت ـ بقبول مصري ـ قناة السويس امام الجيش المصري عائقا مائيا يلزم اجتيازه لمواجهة اي عدوان علي سيناء والدفاع عنها.

ولكن الآن لم تعد هناك فرصة للارتماء في حضن امريكا ،وانها تملك 99% من اوراق اللعبه.العكس هو الحقيقه أن 99% من الخطر مصدره امريكا واسرائيل، وان امريكا تستخدم معنا دبلوماسية "لوي الذراع" ، وتصريحات كوندوليزا رايس حول مؤتمر التطبيع العربي الاسرائيلي بحضور السلطه المعتدله في فلسطين يؤكد "أن الامن الاسرائيلي اسبق من اقامة كيان فلسطيني"، كيان تحت وصف الدوله منزوع كافة الصلاحيات، ومهمته نزع سلاح المقاومه، وقتل عناصرها او سجنهم، ومواجهة الارهاب، ونستعيد ان الارهابي عندهم "كل من يواجههم" ويقف ضد مخططاتهم، ولعلني هنا استعيد مقولتين لرجلان من لبنان، المناضل كمال جنبلاط " القياده الفلسطينيه اصغر من قضيتها" والامام موسي الصدر " المقاومه الفلسطينيه تكاد تكون حركه فوضويه غير منضبطه" ، وما اصدق المقولتان علي وضع ما يسمي بالمعتدلين.

القضيه الفلسطينيه ليست اتفاقات هنا او هناك وليست مؤتمر بوش، الذي لا استطيع نزعه من سياقه، فإما أنه ذرا للرماد في العيون، لنأمل ونتمني ونبني مع العجز اوهاما بدولة المعتدلين وننشغل بعيدا عن خطط الحرب الجاريه، او هو مجاراة من الاداره الامريكيه لوزيرة خارجيتها كي تبتعد عن ايران والمواجهة العسكريه معها، لو فشلت في المؤتمرـ وهي ستفشل واقرت بذلك من قبل ـ يصبح صمتها امام تشيني واجبا... هذه هي ابعاد القضيه عندهم.

هل نسي الضمير العربي معني الشعب العربي الفلسطيني؟ الشعب العربي الفلسطيني كيان حي ، وليس مشروع قتلي او اسري او محاصرين ، وليس هناك منهم لاجئون تجدون لهم حقا او تتنازلون، بل هم اصحاب الارض والبيت وشجر الزيتون والقبر، هل تدركون هذا ام أن نعاسا قد الم بالعقول. الفلسطينيون خارج الوطن ليسوا محل تفاوض، وارضهم في أي بقعة من فلسطين وليس كما تقول ليفني "مكانهم في الدوله الفلسطينيه حين تنشأ".

لو اننا استعدنا حقيقة الحق العربي ، لامكننا ان نعي ما الذي يحدث في لبنان وبلبنان، ولعل اللحظات الاخيره التي نقلت نبأ قيام حزب الله بمناورة في مواجهة مناورة الجليل الصهيونيه، يستدعي فيكم الامل بالامه بدلا من الخوف من القوه العربيه الكامنه في الشعب والتي تقاوم محاولات استنزافها منذ عام 1967.ولجاء للبنان رئيسا يستحقه لبنان المنتصر وليس لبنان التشرذم بين القبائل العربيه او المستعربه، ولحملت عناصر بوش اوراقها ورحلت كما رحل مارينز ريجان اليميني المحافظ القديم.

ولو امتلكنا مرجعية عربيه للامن القومي، تدرك معني الارض والانسان والعقيدة والثروة والتاريخ والمستقبل، لامكننا قراءة ما يجري في العراق بحقيقته. لو ان خارج العراق ارادة فعل عربي وليس ارادة تنازع عربي، لاستعدنا العراق محررا، والقول ان الوجود الامريكي في العراق ضمانة امن هو تبرير لتقسيم العراق. لو ان هناك عربا خارج العراق لتوقفت حمامات الدم وغادرت اسرائيل شماله، وعاد الاكراد عن غيهم، ولسقطت دعوات الفتنه الاسلاميه في العراق.

نحن في حاجة لوقفة مع النفس، "أمن ايران من الامن العربي، وقوة ايران قوة للامة العربيه"، لو ان الامة وضعت هذه المقوله هي استراتيجية التعامل مع ايران المقاومه، ربما امكننا جميعا عبور جسر الخطر.

في محاضرة بجامعة اكسفورد قال الاستاذ هيكل الاسبوع الماضي للحضور: "فهناك في قلب هذه المنطقة ثلاثة دواعٍ للخطر أشير إليها باقتضاب لكي أتجنب تكرارا شائعا ومملا رغم صحته، وهي بالترتيب: الموقع الإستراتيجي، وأهمية البترول حتى يظهر بديل له، وإسرائيل." ثم يضيف "على أنه لسوء الحظ أن بعض النفاذ الخارجي إلى المنطقة لم يكن دائما ضيفا ثقيلا دعا نفسه، وإنما وصل مدعواً مرغوباً فيه لمناورات السياسة الداخلية وتوازناتها المتصورة أو المتوهمة! "

الم تحن بعد لحظة صدق لوقفة جاده مع النفـس ؟

مصطفي الغزاوي

نشرت بالشرق القطريه 6/11/2007