١٠‏/٠١‏/٢٠٠٩

ممنوع من النشر

كتبت هذه المقاله يوم الاحد 28/12/2008 وكان مقدرا لها ان تنشر يوم 30/12/2008 ، ولم يصادفها القبول ؟!


وحاولت ان اضعها جانبا ، ولكنها كانت تلح ان تخرج الي النور حتي وان لم يقرأها غيري ، وها انا ارضخ للالحاح الداخلي واضعها علي البلوجر ، علني اصيب بهذا راحة للنفس


مصطفي الغزاوي


10/1/2009


لم نصل الي المليون شهيد بعد !!


وقائع ملحمة المقاومه والدم والشهاده فوق ارض غزه ، اتمها العدو الصهيوني وفق سيناريو تجاوز في حبكته سيناريو فيلم تسجيلي ناجح يروي وقائع تكشف الاتفاق في الرؤيه والمهام المترتبه عليها والادوات التي تحققها ، بين الكيان الصهيوني والنظام العربي القابع فوق رقاب الامه.


وكانت المفارقه مع تداعيات الاحداث أن القاهره أصبحت هي الحدث ذاته ، وليس آلة العدوان والقتل والتي أدت الي استشهاد 300 شهيد و800 مصاب حتي كتابة المقال والاعداد مرشحه للزياده علي مدار الساعه ، ولا هي قدرة المقاومه علي امتصاص الضربات ، وامكانيتها في التصدي ، رغم الظلام والجوع ونقص الدواء العجز الذي اصاب مستشفيات القطاع ، ولكن القاهره اصبحت هي الحدث بقيامها بدور الوسيط بين اسرائيل وعباس ومن وراءهما من تصورات او اطراف وبين الفصائل في غزه ، وينتهي الامر الي تحولها من وسيط الي طرف.


ظلت القاهره ترسل موفديها الي غزه وتستقبل الوافدين منها ، لتقيم تهدأه ، بين الفصائل واسرائيل ، وهي تضع ملء عينيها موضوع الاسير الاسرائيلي "جلعاد شاليط"، وكان اليقين حينها ان التهدأه تواطؤ علي المقاومه ، واطراف التواطوء الآخرين هم اسرائيل – وسلطة ابومازن ، ووراء الستار يقبع باقي عناصر محور ما يسمي مجازا وتأدبا محور الاعتدال وبأيديهم صك الاستسلام العربي المعاصر تحت اسم "المبادره العربيه للسلام" ، ينتظرون جميعا ما بعد انابوليس. وكان مقبولا ــ رغم كل المحاذير ــ أن من في الميدان ويحمل السلاح مقاوما أعلم بظروفه وأقدر علي اتخاذ قراره ودخلت حماس والجهاد وباقي المنظمات المقاومه في الهدنه ووفق شروط تتيح لاهل القطاع ضرورات العيش التي تتوفر من المحتل ذاته.


وتولت القاهره إدارة حوار الطرشان بين المنظمات الفلسطينيه تحت عنوان "الوحده الوطنيه" ، وحقيقة القصد من الحوار تمكين السلطه الفلسطينيه وابو عباس وتحجيم باقي الفصائل ، والامر هنا ليس خيارا بين افراد ، ولكنه الخيار بين مفهومين في الصراع ، مفهوم المقاومه ومفهوم تسول الدوله وبأي ثمن ، حتي وإن سقط في سبيل ذلك ما اتفق علي تسميته بثوابت النضال الفلسطيني والعربي ، لان هذه الثوابت هي بالاساس موروثات باليه في عصر ما بعد اوسلو والعراق والحادي عشر من سبتمبر وقوانين الارهاب ، ووصل أمر الحوار الي فرض قاعدة "وقع اولا علي ما نقول ثم ناقش" ، او حسب قاعدة الاوامر العسكريه "نفذ الامر واتظلم" ، وجاء الوعيد بالجزاء من امين الجامعه العربيه ، بأن من يحول دون اتمام الاتفاق سيخرج من رحمة العرب.


والقاهره هي التي تمسك بمعبر رفح مغلقا دون أن تسمح لاستخدامه في أقصي لحظات الحصار الاسرائيلي ، متنفسا تعبر من خلاله الاحتياجات الضروريه للحياه ، وصارت مصر حارسا لبوابة رفح ولصالح الضغط الاسرائيلي ولصالح ابو مازن وخياراته ، بدلا من ان توفي بمسؤلياتها التاريخيه بعد ما قضمت اسرائيل قطاع غزه من بين يديها عام 67 ، وتتحمل واجبات تفرضها ظروف الحصار تجاه اهل القطاع الذين كانوا من رعاياها وذلك بالحساب المجرد لو تغاضينا عن لحمة القوميه والدين وضرورات الامن القومي المصري ولا نقول العربي والتي تفرضها حقائق الجغرافيا والتاريخ.


والقاهره هي العاصمه العربيه التي وقفت فيها وزيرة خارجية العدو يوم الخميس 25 ديسمبر ، وبمنتهي الحسم والصلف لتعلن (Enough is enough) ، كفايه يعني كفايه ، ويكتب رايان جونز في "اسرائيل اليوم" في نفس اليوم "ان ليفني صدت رجاء الرئيس المصري لضبط النفس ؟؟" و أطلقت تهديداتها لحماس من القاهره بأنها ستلقي ما تستحق. وكانت ليفني تصرخ في المراسلين والي جوارها صديقها المتسلل الي وزارة خارجية مصر ، ويخرج معها من المؤتمر ويمسك بيدها ليعينها علي هبوط درجات سلم قصر الرئاسه في مشهد من افلام الاربعينات الرومانسيه.


والعلاقه بين ليفني ووزير الخارجيه وصلت الي حد التعاون والتنسيق في اجتماع وزراء خارجية حلف الناتو ببروكسل و استعانت ليفني بأبو الغيط في مواجهة وزير خارجية لوكسمبرغ الذي طالب ليفني بأن تقوم اسرائيل بإعادة فتح المعابر الحدودية وطلبت ليفني من ابو الغيط أن يرد ، ليصعد للمنصه ويقول أن معبر رفح يجب أن يغلق " لدواعي قانونية ".


ولكن الي اي مدي ستمضي اسرائيل ؟ وهل ستقوم اسرائيل باجتياح بري؟


ثم هل ستتوقف اسرائيل عند حدود قطاع غزه ، أم انها ستمد خط عمليات آخر للشمال تجاه الجنوب اللبناني؟


ثم هل كل هذا لملء صناديق الانتخابات في فبراير القادم؟


ومن ناحية أخري الي أي مدي يمكن للمقاومه أن تصمد؟ وهل تملك المقاومه إمكانية اصابة العدو بحجم من الخسائر تجعله يعيد حساباته ؟ وهل سيقبل العدو بهزيمة أخري بعد ما ناله في الجنوب اللبناني ، ورصدته لجنة فينوجراد؟


وأخيرا هل هناك أي امكانية تلوح في الافق تؤدي الي عمل من الجانب العربي يوقف آلة القتل؟


حدد ابو الغيط أيضا وهوبجوار ابو مازن بمؤتمر صحفي ايضا بالقاهره يوم 28/12/2008 ما يلي:


1. انهم يتصلون لوقف العمليات ، وكلا منهما شهد للآخر.


2. انه ليس هناك داعي الآن لمؤتمر قمه. وليدرس الامر يوم الاربعاء ، اي بعد 72 ساعه والقتل مستمر ، ذات موقف 2006 في مواجهة حزب الله.


3. يكفي ان يعلن كل طرف (اسرائيل وحماس) الالتزام بالتهدأه ، فتتم التهدأه.


4. وعندها يبدأ بحث الحوار الفلسطيني ، والمعابر.


5. ويقول " لقد أطلقنا تحذيرات ومن لا يتبع التحذيرات لا يلومن الا نفسه".


هي ظاهرة تتكرر من وزير الخارجيه الذي كان مستمعا في الاجتماع مع الرئيس ، وكان المتحدث رئيس جهاز المخابرات المصري والمسئول عن ملف المقاومه.


ويصرح داني غيلرمان مندوب اسرائيل السابق بالامم المتحده انه كما كان الامر في حرب 2006 فان دول الاعتدال تطالب بالمضي في العمليات للقضاء علي إرهاب حماس.


تقسيم للادوار ، ابو الغيط وابو مازن لكسب الوقت ، وغيلرمان لاشاعة الرعب ، وليس امام حماس والجهاد سوي القبول بما اعلنه ابو الغيط او "لا يلومن الا أنفسهم" . وهذا مؤشر ان اسرائيل ستنتقل الي الاجتياح البري ، اجتياح شامل او جزئي ، هذا امر تكتيكي ، لانه لا معني لتدمير المباني بينما المقاومه تطلق صواريخها وتفرض قانون الخوف علي المستوطنين ، ومعلنة أن مهمة آلة الحرب لم تنجز بعد.


إن نصف العقل الاسرائيلي يعيش عقدة 2006 في لبنان والتي ذاق مرارتها اولمرت ـ الراحل الي محاكمه بتهم الرشوه ـ وليفني المرشحه لرئاسة الوزاره. وكلا من باراك ورئيس اركانه ذاقا مرارة عام 2000 أيضا في الجنوب عندما كان باراك رئيس وزراء واشكنازي قائد المنطقه الشماليه ، واضطروا الي اتخاذ قرار بالانسحاب من لبنان ، وهو ما سمي بالنصر الاول للمقاومه وتحرير لبنان، وهذه عقدة مضافه. فهل هناك ضرورة استراتيجيه للدخول مرة أخري الي مغامرة غير محسومة النتائج مع حزب الله ؟؟ أم أن الجهد الذي بذل في اعداد القوات علي الجبهة الشماليه ، والحشود الموجوده هناك لعامين ، سيتم الحفاظ عليه لجولة أخري ؟ أم ان اعداد مسرح العمليات لمواجهة مع مثلث (سوريا ـ حزب الله ـ المقاومه الفلسطينيه) قد تم ، وسيتم تصعيد الامر ؟ وهل التصعيد في مواجهة حزب الله ام في مواجهة سوريا ، خاصة وأن حزب الله يده علي الزناد؟.


وقدرة فصائل المقاومه الفلسطينيه وما تملكه من اسلحه ليس معروضا بكتالوجات حتي نحدد قدرتها علي ايقاع خسائر بالقوات الصهيونيه ، ولكن ان تصل الامور الي اليوم الثالث ، فهو مؤشر بأن الهدف لم ينجز بعد ، وهو ما دعي اولمرت ليعلن أن الامر قد يستغرق اياما او اسابيع ، وليقول باراك انهم مستعدون للاستمرار في الهجوم حتي انجاز المهمه ،وكانت ليفني قد حددت هدف المهمه من قبل بان تكون غزه بدون حماس.؟؟ وهذا ما يميز العدو أنه محدد الهدف ، ولتكمل بان هذا ايضا مطلبا اقليميا !!.


اما ماذا يملك مؤتمر للقمه تعوقه مصر ، وتحضره السعوديه والاردن وابو مازن ، أمر مبني للمجهول. ولا اظن ان هناك أي مبرر لترديد مسألة "الحوار الفلسطيني ـ الفلسطيني" ، او ما يسمي بالوحده الوطنيه بين الفصائل ، حيث اصبح المطلوب هو اعادة بناء منظمة التحرير ، والدم الذي اريق فوق تراب غزه والضفه ، لن يذهب هدر ، وهناك الآن مشهد وحدة شعب في غزه والضفه وداخل الخط الاخضر ، وذلك كله يعيد ثوابت الثوره الفلسطينيه الي قلب الحدث.


غزه لن تموت ... لم نقدم المليون شهيد بعد ...لن يمكن ان يتحقق هدفا في فلسطين دون المقاومه.


والطريق الي تحرير فلسطين يمر عبر كل العواصم العربيه ، ولا استثني منها احدا.

غزه قنديل النور الذي يهدينا تهتف بنا: أن حرروا انفسكم ، أنا حره ، ليس لهم الا ان يقتلوا ، ولكننا سنقبض علي أمرنا كالقابض علي الجمر.

غزه تناديكم : لا تسعروا خدكم لنظام او حاكم او منظمة او عالم ، لا تسألوهم شيئا ، إنزعوهم من كراسيهم (وينزع الملك ممن يشاء) ، إنزعوهم من قصورهم.

غزه تصرخ بكم : لا تسألوا بدعوي عروبة او وطنيه ، او بدعوي دين او انسانيه ، (أعدوا لهم ما استطعتم).


غزه تربت علي ايديكم ، وتهمس ألا تجزعوا ، لا يملكون لنا الا الشهاده ، ولكن عندما يبلغ شهداءنا المليون ، عندها فقط ، سيبدأ طريق الخلاص ، وطريق التحرير.

مصطفي الغزاوي