١٠‏/٠١‏/٢٠٠٨

الانفاق وتهريب الاموال ادوات للامن القومي المصري

الانفاق وتهريب الاموال ادوات للامن القومي المصري

الاحداث المتلاحقه تأبي ان تتيح من الوقت فرصة استدعاء التأمل العقلي في امر امننا القومي ، وكنت ارجو استكمال مقال العدد الماضي ، ولكنه يمكنه ان يتنظر فالعام 2007 يأبي ان يمضي دون ان تستكمل حمامات الدم ، وفوضي العناد ولا اقول الصراع داخل الوطن العربي واقاليمه ، وداخل اقاليم العالم الاسلامي ، مهامها لصالح امريكا واسرائيل. والحديث عن الامن القومي العربي ليس محطة وصول ، ولكنه رحلة مستمره استمرار الحياه ، ولن يتوقف حتي نجد من يتصدي له ، غير الموظفين الذين يتولون قمة هرم السلطات العربيه ، ويأتي رجال يملكون من الفكر والوعي والاراده ، قادرون علي حمل مسئولية وهموم الامه ، مع شعوبها وبهم ولهم. والي ذلك الحين ليس امامنا الا ان نتوجه الي صاحب المصلحه الرئيسي وصاحب الحق الاصيل ، الشعب العربي.

يوم الاربعاء الماضي ، كانت زيارة باراك الي شرم الشيخ ، وزيارات الاسرائيليين الي شرم الشيخ تذكرنا دوما بلقاء بيجن السادات في شرم الشيخ الذي تلاه الهجوم الاسرائيلي علي مفاعل العراق وتدميره. وفي هذا اليوم وخلال لحظات الاجتماع كان الطيران الحربي المصري في طلعات نهاريه ، دفعتني الي الاستغراب والتساؤل ، هل هي اشارة قوة الي وزير دفاع العدو الصهيوني ، ام انها تشريفة وصول. وللمرة الاولي يتداول حول اللقاء " ان ليفني تجاوزت الخطوط الحمر " ، وكأنها لم تتجاوزها من قبل ، وكأن ما فعلته او قالته ليفني في حق مصر ، اكبر من مسلسل القتل والحصار في فلسطين ، وان المعونه الامريكيه التي تقدمها امريكا لمصر اكثر قيمة من "الحجر" الذي تفرضه معاهدة كمب ديفيد علي الوجود العسكري المصري في سيناء ، وما يمثله من عبئ اضافي علي الامن القومي المصري. وينتهي اللقاء دون معني الا تبادل رسائل اتسمت بلغة جديده ، وليست نهائيه ، لغة اذكرني عند ربك في البيت الابيض ، ولكن مسلسل القتل الاسرائيلي لم ينتهي.

ويترافق مع الزيارة ، زيارة النقيض ، السيد علي لاريجاني مساعد القائد الاعلي للثورة الاسلاميه ، ويدور الحديث من جديد عن عودة العلاقات المصريه الايرانيه ، وكأنها رابعة المستحيلات ، وكأن العلاقه مع ايران الاسلاميه ــ والتي تتم بدون حرب ــ أصعب عن العلاقه مع العدو الصهيوني التي تمت بعد اجهاض نتائج حرب 1973 ، والتي لم تضع اوزارها حتي يومنا هذا ، وان كانت باشكال اخري ، تخصم من الامن القومي المصري وبالتالي العربي ، ولا تضيف اليه.

وتحدث واقعة الحجيج الفلسطينيين .. لتكشف وبلا مواربه كيف يواجه الموظفون امر الشعوب. وعندما يعلق 1200 حاج فلسطيني في عرض البحر بين مينائي العقبه الاردني ونويبع المصري ، حجيج عائدون من بيت الله ، تعتقلهم اسرائيل في عرض البحر بقرار صادر من السلطات المصريه. ولن نعود الي اصل المشكله في خروجهم من غزه ، ولكن يبدوا ان كمب ديفيد القت بظلالها علي كامل الاراده العربيه ، فاتفاقية معبر رفح تشترط وجود مندوب من الاتحاد الاوربي ، وعدم وجوده يسقط حق فتح المعبر ؟؟؟. من يملك ان يقول هذا ؟ من قبل ووقع هذا الاتفاق عن مصر وليس عن الفلسطينيين المحتلون ، والذين فرط فيهم ورثة عرفات ، او من تستروا علي قتله .. كيف تقبل مصر ، بل وتسوق هذا الشرط لتفسير تصرفها بتعليق وصول الحجيج طالما انهم لم يوقعوا اقرارا ان يتم عبورهم عبر معبر تسيطر عليه اسرائيل اي عمليا تسليمهم الي اسرائيل ، واسرائيل تسمح لهم بالوصول الي غزه بعد ان تعتقل من تشاء ! لماذا ؟ لان اسرائيل تقول انهم يحملون اموالا !!! اي اننا نشارك اسرائيل علنا استمرار الحصار. وكأن قمة الهرم الوظيفي يقول اتركونا في حالنا لانهم يتهموننا بالتستر علي الانفاق ، وكأن الانفاق جديدة ، ولا يعلمها كل الاطراف ، وكأن هناك طريق آخر للامن القومي المصري كي يؤدي واجبه تجاه غزة التي تقع في مسئوليته ، وتعتبر بوابة مصر الآن شرقا بعد ان كانت سوريا هي البوابه الشرقيه.

ما تدركه مصر ، الانفاق وتهريب الاموال الي غزه ، صمام امان ، لا تملك اهداره ، وهكذا ايضا تدركه اسرائيل ، مهما حاولت استخدامه دبلوماسيا ، ففي مصر من لن يقبل باغلاق وسيلة التواصل ، الانفاق ، وهناك في مصر من لن يقبل باستمرار تجويع الشعب الفلسطيني في غزه ، لان هذا من اساسيات الامن القومي المصري ـ العربي ، حتي وان فرضت كمب ديفيد حدود للسلاح في سيناء. والتعامل الدبلوماسي في امور كهذه ليس له الا ان يقول هذه ايضا خطوط حمراء مصريه. وليس جائزا ان تمارس الامه ضرورات امنها القومي علي استحياء ، او باذن من عدوها الرئيسي ، حيث لا يجب غير الحسم.

ولكن تناول الامر بدبلوماسية ميكروفونات المؤتمرات الصحفيه تتطلب كلمات ذات مدلول ، ولا يمكن ان تتحدد سياسات الامم انعكاسا لمواقف الفضائيات ، والفضائيات لم تطلب من الحجيج ان يوقعوا اقرارات بالعبور من خلال المعبر الصهيوني ، وهي لم تمنع وصول العباره الي الميناء وامرتها بالانتظار في عرض البحر ، وهي لم تقتل من مات في العباره ، ولكنها نقلت كل هذا كأخبار ، والموقف كان بين طرفين اساسيين الحجيج ، والسلطات المصريه كما اطلق عليها ، وفجأه اصبح الحكم هو الطلبات الاسرائيليه ، وممثل الاتحاد الاوربي ، وما استطاعته السلطات المصريه ، بعد تراجعها نتيجة ما اذاعته الفضائيات ، ان نقلت الحجيج الي العريش ولتحدد ان الامر محل تفاوض. علام التفاوض ؟ لا احد يعلم ، ولعل العدو يعلن ... فهو للاسف مصدر المعلومات ، صحيحة كانت ام خاطئه. او تمارس الفضائيات مهمتها الاعلاميه وتكشف لنا ما يجري.

ومع تصاعد العناد العاجز لعناصر 14 آذار الامريكيه الهوي والاستقواء والمهمه ، يقترب الامر في لبنان من قمة الازمه التي تنشدها امريكا واسرائيل في لبنان بعد عجز الوسائل العسكريه عن تدمير سلاح المقاومه ، لتفتح الباب امام مواجهة داخلية يمضي اليها الفريق الامريكي وبعناد للحقيقة وللحاجة العربيه واللبنانيه ، وبدعم من العرب المعتدلون. تأتي زيارة ساركوزي لمصر قبل عشرة ايام من وصول بوش الي المنطقه ، وفي ذات الاطار يخرج من القاهره تصريحا ، هو اولا يقر بالدور السوري في لبنان ، ولكنه ثانيا يري نقيض ضرورات الامن القومي العربي ، وتصل الالفاظ الي التطابق مع بوش ، الذي نفذ صبره من سوريا ، لتستكمل القاهره الرسائل بان علي سوريا ان تنهي الفراغ ، ولم نسمع من احد من يقول للرابع عشر من آذار ، ان توقف عن الاستسلام لاسرائيل وخدمة الامريكي والاستقواء به.

هل الرساله الي سوريا عبر المؤتمر الصحفي ، وعلي هذا النحو الذي يجتزأ الحقائق ، هو نتيجة ما تناقلته وسائل الاعلام عن حوار مصري سوري للتقارب يسبق قمة الحكومات العربيه في مارس المقبل ، ولعله لا يكون مثل مؤتمرات ما قبل الغزو الامريكي للعراق والتي تضمنت مئات الرسائل الي صدام حسين ، وليعقبها الغزو الامريكي.

هل اصبح هذا هو جل الدور المصري القومي ؟؟؟ اعتقد واؤمن وأثق مهما طال الزمن ان دور مصر اكبر من ذلك بكثير ، وهي بالغته.

واقعتان تحملان دلالات وتزيد اعباء الامن العربي ، وتكشفان بوضوح ، ان استراتيجية السلام العربيه ، تعني ضرب اي مصدر للمقاومه او لا ينصاع للرؤيه الامريكيه الاسرائيليه ، بل ان استكمال شكل التوافق حسب رؤية هذه الاستراتيجية ، مقدم علي معادلة المجتمع اللبناني ذاته ، وعلي ضرورات امنه في مواجهة اسرائيل ، والقائلون بهذا لا يعرضون بديلا الا "تفريغ الامن القومي" من اي محتوي.

اسئلة تفرض نفسها علي العقل ، هل في مصر صراع حول الموقف من العدو الصهيوني فما اعلن انه تسرب عن مصدر كبير "ان لم تلتزم اسرائيل بعدم التعرض للحجيج سيتم دخولهم الي غزه عبر معبر رفح وافقت اسرائيل او لم توافق" ، والمؤتمر الصحفي يطلب الحكمه البليده ؟؟ ، ام ان مصر تلقت رسالة "ان محاولتها لادخال الحجيج دون اذن اسرائيل سيكون له مالا تتحمله" ؟؟ ، ام ان هناك من يقدم لبوش قبل زيارته ، سواء تجاه اسرائيل او تجاه لبنان وسوريا ،حتي ينال منه حاجته ، اي اننا نرهن امرنا لمعونة امريكيه اقتطع منها جزءا ؟؟ ، ام ان الامر غير ذلك كله ؟؟؟

هناك لحظات تمر بالشعوب تتحقق فيها اهدافها ، ولحظات تتراكم فيها المخاطر من حولها ، وبين هذه وتلك تكافح الشعوب الحيه عن بقائها ، ولا تدع امرها في غير اهله.

نعم استاذ هيكل ... "ولكنها احلام الرجال هي التي تضيق".

مصطفي الغزاوي

الشرق القطريه 1 يناير 2008

دائما تأتي متأخرا ... الأفضل ألا تأتي

دائما تأتي متأخرا ... الأفضل ألا تأتي

التوقيت يكسب الاقدام علي قضية ما ، او اتخاذ قرارا في امر ما ، جزءا كبيرا من القيمه ، وهو امر تفتقد اليه تعاملات الاداره الامريكيه مع ما يخص العلاقات الاسرائيليه ، فلا يتعرض اي رئيس لهذا الشأن الا في نهاية السنوات الثمان لرئاسته ، اذا كانت ثمان ، وعام كامل باقي لبوش في الرئاسه ليس زمنا بسيطا ، ولكن الصراع العربي الصهيوني ليس من البساطه بحيث يصبح حديث المغادره. كما ان التوقيت امر تفتقده قرارات جامعة الدول العربيه ، فاجتماعاتها لقاء للفرقاء ، وكل له اجندته ، واذا عقدت اجتماعا فهي تأتي بعد ان تبلغ الازمات حالة من التعقيد يصبح معها تبويس اللحي غير مجد ، ولا تصلح احاديث الامين العام الصحفيه التي تقع تحت عنوان

“Big Mouth No Talk” ، ويخرج منها الصحفيون كما دخلوا اليها صفر اليدين.

ينزل بوش في فندق الملك داود بالقدس ، وهو الفندق الذي قتل فيه 91 شخصا عندما فجرته العصابات الصهيونيه عام 1946 ، وكان ايتان ليفني عضو عصابة "الارجون" الصهيونيه ، ووالد تسيبي ليفني وزيرة الخارجية احد المتهمين في هذا الحادث وحكم عليه بالسجن. وقبل ان يصل بوش اعلن انه "ملتزم بالدفاع عن اسرائيل ان تعرضت لعدوان ايراني" ، ويقول "ان من يقرأ تقرير المخابرات الامريكيه يدرك ان ايران لديها خططا سريه" ، ويرد علي تساؤل ليديعوت احرونوت اشارت اليه التايمس "هل ستعطي امريكا الضوء الاخضر لاسرائيل لمهاجمة المنشآت الايرانيه؟" ، بقوله "رسالتي الي كل دول المنطقه اننا نحاول الحل دبلوماسيا ، ولكن كل البدائل مازالت مطروحه". ومن ناحية اخري تنقل التايمس عن باراك قوله "اريد اقناعه ان غارة اسرائيليه علي المنشآت النوويه الايرانيه يمكن ان تتم اذا لم تفلح الدبلوماسيه" ، وان هناك بدائل متعدده جاهزه للعرض علي الرئيس الامريكي.

هذا هو جدول الاعمال الاسرائيلي لزيارة بوش للمنطقه ، اما ما يريده بوش من تحقيق لنتائج انابوليس ، فلن يتجاوز الكلام ، سواء مع ابومازن الصامت علي مسلسل القتل في غزه ، او اولمرت الذي ينتظر نهاية الشهر اعلان تقرير فينوجراد. بوش في اسرائيل يواجه " باراك – ليفني" وليس اولمرت ، والاخير استكمل مراسم الاستقبال باطلاق يد الجيش الاسرائيلي في تصعيد عملياته داخل القطاع.

وسيقول بوش كلمته في امر ايران ، وسيقول الاسرائيليون كلمتهم ، ولكن هل يدرك العرب مضمون هذه الاجنده ، والي اي مدي سيصل التوافق بين بوش والخطط الاسرائيليه. خاصة ان الصنداي تليجراف البريطانيه نقلت عن وزير الامن العام الاسرائيلي "آفي ديشتر" ، "ان ايران تطور صواريخ بمدي 1250 ميل ، وهذا يهدد مصر وليبيا والسعوديه واليونان" ويكمل و"اوروبا" .

ويبرز الي الصوره الموقف بين مصر واسرائيل ، والذي بدأ من تصريحات ليفني حول الانفاق ، ثم سماح مصر للحجيج الفلسطينيين بالمرور من معبر رفح ، ليخرج باراك حسب ما تناقلته الصحف متجاوزا الادب في حق الرئيس المصري لان الضباط المصريون ادخلوا الحجيج من معبر رفح وليس من معبر اسرائيلي كما طلب باراك ويبلغ بتطاوله "أن مبارك لا يسيطر علي اجهزته الامنيه" ، وتصيب مدافع "أباتشي" اسرائيليه رفح المصريه وتقتل مواطنا ، وكأنها رسالة لم تخطئ عنوانها. وترافقت هذه الوقائع مع احتفال الجيش الثاني الميداني في مصر بيوم التدريب ، وتجاوزت الطائرات الحربيه المصريه خطوط الطول الحاكمه فوق سيناء ، رسائل متبادله اعادت التأكيد علي العقيده العسكريه المصريه أن العدو يقبع في الشرق فوق ارض فلسطين ، وهي في الوقت ذاته تفرض علي السياسه مراجعة مفهوم استراتيجية السلام ، والمراجعه الحتميه لالتزامات كمب ديفيد العسكريه ، واوضحت اننا اذا اردنا ، فاننا نستطيع.

ويستقبل العرب بوش بلا جدول اعمال ، بل ينتظرون ما يحمل معه ، وكل له غايته ، واستبقوا وصوله باجتماع وزراء الخارجيه العرب بالقاهرة ، ولقاء منزلي بين سوريا والسعوديه ، ثم قرارا بشأن لبنان ، وشجبا للقتل الاسرائيلي في غزه ، وربما يذهبون لمجلس الامن شاكين.

أداء بلا هدف ، وبلا مرجعيه ، وبوش لن يأتي ليسوق الحرب ضد ايران ، فهذا امر لا يهمه فيه العرب ، ولا ليقيم دولة ابومازن ، فهذا امر لا يجب ان يتدخل فيه العرب حسب رغبة ليفني "ألا يكونوا فلسطينيين اكثر من الفلسطينيين" ، ولكنه جاء لدعم المعتدلين في مواجهة غيرهم ، ومعهم السنيوره ، كرزاي الجديد الذي لم يأتي علي دبابة امريكيه هو ومن معه ، ولكنه علي الهوي الامريكي ، وهل اتي بوش ليغسل يديه من دم سوريا بعد ان نفذ صبره.

واجتماع الجامعة العربيه سبق وصول بوش الي المنطقه ب 48 ساعه ، والسؤال لماذا هذا التوقيت بينما القضايا مشتعله من بعد انابوليس ومازالت في لبنان وفلسطين ولم يتحرك العرب ، وكأن العرب لا يتحركون الا علي مقاعد الجامعه بميدان التحرير بالقاهره. ويخرج الاجتماع بقرار في الشأن اللبناني لا يمكن تفسيره حتي الآن سوي انه دعم للموالاة ، وحجر علي المعارضه ، ولو فعل العرب غير هذا لاصابنا الشك انهم امتلكوا مرجعية واحده بشأن امنهم القومي ، وهو امر غير الواقع.

الصراع في لبنان هو صراع حول مفهوم المقاومه قبل ان يكون حول سلاح المقاومه ، وهو يمتد الي الساحة الفلسطينيه ، فليس الامر تكوين السلطه ولا استيلاء حماس علي القطاع ، ولكن الامر هو ايصال حماس الي ما وصلت اليه فتح ، من انغماس في رؤية ابو مازن ـ والتي وجدت هوي عربيا ـ بترك المقاومه والحصول علي ما يمكنهم ان يحصلوا عليه منة واحسانا من اسرائيل وامريكا والاتحاد الاوربي ، وهؤلاء قد يلتقون برجال السلطه ، ولا اعتقد انهم يشعرون بالحاجة للاستجابة لاي من مطالبهم.

ترفض المقاومه اللبنانيه ادخال "القدره العسكريه لسلاح المقاومه" في ميزان القوي الداخلي ، رغم ان له قدره وتأثيره علي الصراع بالسياسه او الكلام الجاري الآن ، وتلتزم به سلاحا في مواجهة العدو الصهيوني ، الامر الذي اكسب المعارضه مصداقية في طرحها فكرة القبول بالآخر ، حتي وان كان توجهه معاديا ،غير انها مازالت تراه لبنانيا ، وتفصل بين الاشخاص المتكلمه ، وبين التيارات التي خرجت منها ، وتتجاوز الحريري الي كل السنه ووليد الي كل الدروز ولا تدير بالها الي اصحاب التاريخ الاسود جعجع والجميل. ومجموعة "14 آذار" تحاول ترجيح الكفة الداخليه باضافة دعم المعتدلين العرب وامريكا لميزان القوي الداخلي ، وهو موقفها اثناء حرب يوليو 2006 ، عندما طالبت بالربط بين سلاح المقاومه ووقف العدوان الاسرائيلي ، ولم يوقف العدوان الا قدرة الصمود لدي المقاومه ، وانتصارها علي اقوي خامس جيش في العالم كما يقدروه ، وهو ما دعا جماعة "14 آذار" ان تزيد من الحاحها علي الدعم الخارجي ، والتقت مع امريكا واسرائيل في مواجهة معسكر المقاومه ، وكل حسب غايتة ووفق اجندته الخاصه. وبلغ الامر ان يعلن وليد جنبلاط انه طلب من امريكا مواجهة سوريا عسكريا ، ويخرج بوش بتهديداته لسوريا ، ودعمه للسنيوره ، وتلقي امريكا بثقلها وترسل ابرامز بصحبة وولش لتنقل المواجهة الي مستوي آخر ، وفي اعقابها ارتفعت اصوات "14 آذار" من جديد ، وبعناد اشد ويبلغ الامر ان يطلب السنيوره من اسرائيل وقف التفاوض مع حزب الله في موضوع الاسري.

فماذا يمكن للفرقاء العرب ان يفعلوا بقرارهم هذا والذي يقول بمطالب المعارضه ، ولكنه لا يربطها زمنيا بانتخاب الرئيس؟

وكيف قرأ الفرقاء العرب الواقع اللبناني ، ليضعوا حجرا علي الطريق ويطالبوا المعارضه – المقاومه بالقفز فوقه؟

وهل يستطيع الفرقاء العرب جلب الثقه بين الاطراف ووفق قاعدة "لا تقل لي ولكن دعني اري" ؟

هل يملكون تحويل الدعم الامريكي السعودي لجماعة "14 آذار" الي اداة ضبط وتوافق؟

هل معني هذا انهم يقبلون بالمقاومه في الواقع العربي ؟

"لا غالب ولا مغلوب" يمكن ان تكون قاعدة توافق عندما تكون مرجعية الصراع واحده ، أي ان الاختلاف في وجهات النظر حول تحويل الاستراتيجيه الي مهام ، او في اساليب وادوات تنفيذ المهام ، ولكن عندما تتصادم المرجعيات ، تسقط هذه القاعده ، ويصبح "التوازن الحرج" هو قاعدة القبول بالآخر ، وليس لدي المعارضه غير ما سمي "بالثلث الضامن" لاعمال قاعدة "التوازن الحرج" والذي لا يمكن "14 آذار" من اعمال مخططاتها.

هكذا ايضا يأتي قرار مجلس وزراء الجامعه العربيه متأخرا ، واذا كان له شروحا او اضافات غير معلنه ، فالايام ستكشف ما اذا كان القرار وزيارة بوش يتوافقان ام ان الحل مؤجل ، وليته لا يتجاوز مؤتمر مارس للقمه العربيه بدمشق ، والا فإن البديل غاية في الخطوره ولصالح اسرائيل ، والمقاومون مهمومون به اكثر من المعتدلين.

تعامل مع قضايا الصراع العربي الصهيوني يبدأ والوسيط علي اعتاب باب المغادره ، ومشاكله لا حصر لها ، وقرار للجامعه العربيه جاء بعد ان حرق اكثر العرب جسورهم مع المقاومه والمعارضه في لبنان ، متأخرون نعم ، الم يكن افضل لهم الا يأتوا.

مصطفي الغزاوي

نشرت بالشرق القطريه في 8/1/2008