٠٢‏/١٠‏/٢٠٠٧

أليس احترام العالم خير لنا من عطفه؟


ضجيج بورصة قرارات الكونجرس الامريكي الاخيره وصلت الي المنطقة تحمل رائحة البارود وصوت انفجار أحدث ما تحتويه ترسانة الذخائر الامريكيه قنابل الاعماق والملاجئ. واصدر الكونجرس قراران خلال الايام القليلة الماضيه. الاول يقر خطة تقسيم العراق الي ثلاث مناطق، قرار يمهد لاعادة تشكيل المنطقه واقامة دولة اسرائيل الكبري الجديده( كردستان ) ، والتي ترسم خريطتها فوق الاراضي العراقيه والايرانيه والسوريه والتركيه. والقرار الثاني اعتبار الحرس الثوري الايراني منظمه ارهابيه عالميه، شارك في اقراره ديمقراطيون وجمهوريون ، وطالبت هيلاري كلينتون الرئيس بوش بموقف اكثر حزما وقوه في مواجهة ايران، وكأنها لا ترغب في الوصول لكرسي الرئيس بعد 13 شهرا وتتحمل تبعات التعامل مع الملف النووي الايراني. ووصف السيناتور الديمقراطي "جيمس ريب" القرار بانه "اعلان حرب".
وصاحب القراران حركة متعددة المحاور لعقد مؤتمر نوفمبر الذي دعي اليه بوش وتترأسه كونديليزا رايس، فيما يشبه إغارة دبلوماسيه للتطبيع بين اسرائيل والدول العربيه، تغيب عنها قضايا الحل النهائى ( حق العوده والقدس وحدود 67 )، ويسبق المؤتمر ويواكبه الغاره الاسرائيليه علي الشمال السوري وقرار اسرائيلي باعتبار قطاع غزه كيانا معاديا وان حماس منظمة ارهابيه وابو مازن شريك اولمرت المعتدل لصياغة ورقة مبادئ! ويضاف اليه انقسام فلسطيني علي حساب حق المقاومه.
القرارات الامريكيه والاسرائيليه تمضي في طريقها لاقرار التوصيفات التي سيتم علي اساسها التعامل لحظة بدأ العمليات، ومحاولة لاخذ المعتدلين العرب الي محطة التطبيع الاخيره ، لاستكمال جبهة المواجهة ، في اطار اعداد مسرح العمليات، وهي ليست بالضروره خطوات قوات مسلحه فوق الارض ، ولكنها حصار لارادة المقاومه في المنطقه وحسم السيطره النهائيه لامريكا واسرائيل.

التجربه الذريه الايرانيه

تخوض ايران المعركه الدبلوماسيه بنجاح حتي الآن، وما زالت تحقق ماديا علي الارض انجازات سواء في الانشاءات او اعمال التخصيب ومعدلاتها، ونجحت في ادارة الحوار مع الهيئه الدوليه للطاقه النوويه ، وما زالت امريكا تتعثر في محاولاتها لاستصدار قرار بتصعيد العقوبات الدوليه علي ايران، وهو ما يعني ان صراع الارادات ما زالت نتائجه متوازنه بالنسبه لايران وان الوقت يمضي لمصلحة مشروعها.
وهذا التقدم الثابت لايران في معركتها الدبلوماسيه، لا يعني ان اسرائيل يمكنها ان تقبل بوجود دوله نوويه( سلمية كانت او غير سلميه) في المنطقه الي جوارها، وهي استراتيجية معتمده ـ انتجت من قبل تدمير المفاعل الذري العراقي عام 1980ـ لانها تعتبر ذلك خطر يمس وجودها، ولا تملك في مواجهته الا التدمير والاجهاض سواء اتمت ذلك منفردة او بمشاركة امريكيه. ومن المؤكد ان اسرائيل تجاوزت مراحل التخطيط ، وانها فوق ارض العمليات تجمع المعلومات وربما للمشاركه في اعمال التدمير والاجهاض.
وامريكا (المحافظون الجدد .. وديك تشيني) والتي لحقتها الهزيمه في افغانستان والعراق، حيث سيطرة طالبان علي نصف الارض الافغانيه حسب المراقبين الامريكيين ويبحث حلفاء الناتو عن مخرج لهم بدلا من ترك رجالهم فريسة الانفجارات، وفي العراق ايضا مع تصاعد اعمال المقاومه من حيث عددها ومن حيث نوعية الذخائر المستخدمه والتي اعلن عنها الضباط الامريكيون انه "صاروخ مضاد للدروع شديد الانفجار"، امريكا القوه العظمي الاولي في العالم فقدت السيطره علي الاوضاع في كلتا الجبهتين، وان كانت تبحث عن مخرج غير أن المخارج تبدوا جميعها محدودة البدائل ومسدوده امام خروج غير مهين، وهو ما لا تقبله. ولن يجرؤ المحافظون الجدد انهاء حكمهم دون استكمال هجوم التدمير وكفة ايران في المواجهة الدبلوماسيه ترجح تحقيق اهدافها، ودور اسرائيل الرادع في المنطقة متحطم علي صخور الجنوب اللبناني.
اهداف امريكيه واسرائيليه تخسر علي المستوي الدبلوماسي، لا تملك ان تنسحب لان هذا معناه بداية النهايه للسيطره المطلقه علي المنطقه، وهوما يرجح بداية العمليات العسكريه المباشره والمعلنه (تحدد توقيتها الربيع القادم) ، وحددت التقارير ان امريكا ستضرب بقنابل ذريه تكتيكيه، وان الغارات ستستمر حتي القضاء علي كافة المنشآت النوويه والعسكريه وايضا البتروليه والاقتصاديه، وإن اخذ السيناريو الاسرائيلي منحي آخر ربما اقل شموليه ولكن علي اساس ضربات اجهاضيه محدوده وان بدأتها بقرار منفرد ولتأتي امريكا من بعد، وفي امريكا يتداولون فيما بينهم ( من قال من قبل لاسرائيل افعلي او لا تفعلي واستمعت اليه ؟؟).
والبحث الآن في اسرائيل وامريكا عن كيفية تقليل أثر رد الفعل الايراني سواء علي المصالح والقوات الامريكيه وعلي كيان دولة اسرائيل نفسها، ولا يبدوا ان هناك من رادع لاسرائيل وامريكا الا احتمال " قنبلة ذريه ايرانيه " يمكن ان تطول اسرائيل. تتم التجربه النوويه الايرانيه، لتعلن ان الوقت قد مر لامكانية اجهاض امتلاكها لهذا السلاح ... فهل تفعلها ايران؟؟ وتكشف حقيقة القوه التي ترتكن اليها وتجري تجربتها النوويه الاولي قبل بدأ العمليات العسكريه من الطرف الآخر؟؟ سؤال ستجيب عليه الايام القادمه.

مؤتمر نوفمبر

مؤتمر جاء وكأنه محاولة تهدأه للاوضاع العربيه الاسرائيليه والوصول بها الي وضع التطبيع اعدادا للجبهة الغربيه في مواجهة جبهة المقاومه، ودفع اليه ايضا الانقسام الفلسطيني الذي سيطرت به حماس علي غزه وانتقل ابومازن ـ المعتدل حسب الرؤيه الامريكيه ـ الي الضفه. ولم يتحدد من البدايه جدول اعمال المؤتمر، وان شاب الحديث عنه عزل سوريا عن الحضور. وخلال الفتره القليله الماضيه انفجر المؤتمر بما اعلنه قادة الكيان الصهيوني علي لسان تسبي ليفني ـ الرمح الاسرائيلي المنطلق بقوه ـ وايهود باراك جنرال القتل والعائد الي وزارة الدفاع بعد حرب لبنان الاخيره.
وتناقلت وسائل الاعلام تصريحات ليفني اثناء زيارة كوندليزا رايس الاخيره " المؤتمرالمقبل مؤتمر تصريحات وخطابات، وغير معني بالتوصل إلى اتفاق مبادئ مع السلطة الفلسطينية تمهيدا للمؤتمر" وأن " تكون التوقعات واقعية قبل المؤتمر". والتركيز على قضايا اقتصادية والتنسيق مع "أجهزة الامن الإسرائيلية" ولم تحدد تنسيق من؟ وفي مواجهة من؟. وحثت رايس على تجنيد الدول العربية للمشاركة في اللقاء.؟؟!! وقال باراك انه لا يوجد شريكا فلسطينيا.
هذه هي الرؤيه الاسرائيليه للمؤتمر، وتحقيقا لمطلب دعوة دول عربيه لحضور المؤتمر، تم دعوة سوريا. والسؤال: ماذا تعني دعوة سوريا ..؟ في المضمون وليس من حيث الشكل، وحين ينعقد المؤتمر سيكون قد مر ستون يوما علي الغاره الاسرائيليه ـ التي سيصعق الجميع عندما تعلن نتائجها كما يقول الاسرائيليون ـ بالاتفاق مع امريكا علي سوريا، واتهامها بالتعاون النووي مع كوريا الشماليه. أعتقد انها رسالة اخري لايران... هكذا نتعامل معهم وهم يقبلون فما شأنك انت بالامر الفلسطيني او القدس،.. فهل ستقبل سوريا حمل الرساله الي ايران؟؟
أما في الشأن الفلسطيني فالنتائج تبدوا مزيدا من تكريس الانشطار الداخلي، ومزيدا من الوقت لاستكمال المهمه الامنيه في تصفية المقاومه. وابو مازن يقطع الطريق ذهابا وعوده للقاء اولمرت الذي تبدوا ايامه في الحكومة في نهاياتها، وكلما تحدثوا عن اعلان مبادئ خرجت ليفني في الكنيست او امام الصحافه لتعلن " ليس هناك فكره للعوده الي حدود 67 فهناك متغيرات يجب اخذها في الاعتبار" ، وان عودة اللاجئين ممكنه في اطار دوله فلسطينيه الي الدوله الفلسطينيه، واسرائيل غير ملزمه بحل هذه المشكله، وتحدد الخطر المشترك " مواجهة التطرف الديني وعدم تحويل المشكله الي صراع ديني".
فما هو المشترك الذي تراه سوريا للمشاركه، وهل نست الجامعه العربيه أن السلام مات ؟؟؟ ودفن مع جثمان محمد الدره الطاهر.
وسؤال الي الحضور العربي في المؤتمر ، ما هي اوراق القوه التي بايديكم وستعبر عنها مواقفكم علي مائدة المؤتمر؟
واعود بالذاكرة الي كلمات للدكتور محمود فوزي رئيس وزراء مصر السابق الي الاستاذ محمد حسنين هيكل ونشرها منذ 25 عاما:
[ مشكلاتنا كأمة عربية تمتد أرضها من الخليج إلى المحيط كما تكتب أنت أحياناً - ثلاث:
1 - نحن نعاند أنفسنا ونعاند الحقيقة أحياناً... كأننا رجل أراد أن يغيظ وجهه فقطع أنفه!
2 - أليس من الضرورى أن تكون هناك نسبة بين أحجام الرجال وأحجام الحوادث؟
3 - ما الذى يجدينا أن نبدو الآن وكأننا نضع رأسنا على كتف العالم ثم نجهش بالبكاء على حق ضائع.
أليس الأولى بنا أن نسترده؟
وأليس احترام العالم خير لنا من عطفه؟
ألا توافقنى؟". ]
وكأن الكلمات لليوم.

حزب الله

لا يملك احد ان يجرد قوي المقاومه للمخططات الامريكيه والاسرائيليه في المنطقه، من القدرات المتاحه لدي حزب الله ، ودروس التجربه القتاليه التي خرج منها منتصرا. فحزب الله قوة اصيلة ـ وليست مضافه ـ في خندق المقاومه، ونجحت قيادته خلال العام الماضي ان تمضي وسط الالغام الامريكيه الصهيونيه والمزروعه بواسطه ائتلاف 14 آذار،والتي تعهد لها الرئيس بوش بحماية حكومة السنيوره، واعتبارها ضمن محور الاعتدال، وممثلته في لبنان. وتجاوزحزب الله برجاله وقيادته ولحمته الاجتماعيه مع الانسان اللبناني، خطر الحصار والانزلاق الي مواجهات تجهض نصره. وعند اندلاع معركة عسكريه بين محور المقاومه وامريكا واسرائيل ، لا يجرؤ أحد أن يطالب حزب الله في لبنان بالاكتفاء بموقف المتفرج، العدو يضع موقف اطراف محور المقاومه في حساباته، فلماذا نتنازل طواعية عن مخزون قوة لنا ، والأمر بعد انقشاع دخان المعارك لن يكون كما هو قبلها وهي معركة وجود الامه.ولن يجدي معها محاولة لبننة حزب الله وتخصيص سلاحه لمزارع شبعا وحدها.
أليس احترام العالم خير لنا من عطفه؟


مصطفي الغزاوي
جريدة الشرق القطريه 2/10/2007

0 comments: