٢٠‏/١٢‏/٢٠٠٧

لا مصافحه .... رابعة اللاءات العربيه !!

لا مصافحه .... رابعة اللاءات العربيه !!

يبدوا من النظرة الاولي ان انابوليس لم يكن كله سوءا ، فاذا كان العرب لا يستطيعون ان يرفضوا للادارة الامريكيه دعوة ، الا ان الرأي العام العربي ، وما عبر عنه المفكرون والصحفيون والنشطاء السياسيون من رأي وتحفظ قد استعاد بعضا من الوعي بشأن فلسطين العرب.

كتبت الصحف العبريه ان المدعوين الي انابوليس ذاهبون للنصفيق لبوش واولمرت وابومازن ، وحددت تسيبورا ليفني (49 عاما)، الشروط ، واعلنت نجاح المؤتمر قبل انعقاده ، وان غايته صوره بديله لصورة محمد الدره ، وبناء جبهة المعتدلين مع اسرائيل وامريكا قي مواجهة ايران ، وان الامن الاسرائيلي ملازم لقيام بانتوستان فلسطيني وليس دوله للتخلص من الفلسطينيين ، ولكن الواضح ان العرب تعاملوا معها علي انها "سالومي" ، ولم يقبلوا منها ان ترقص أمام بوش ورأس فلسطين تدمي تحت قدمي المحافظون الجدد. وخرجت ليفني من المؤتمر ، تشكوا انها ليست مصابه بالجرب حتي لا يتعامل معها العرب ويصافحوها.

وهذا امر لا يدعنا نتصور ان الاهداف الصهيونيه قد هزمت ، ولكنهم يعلمون ان الغالب في التصرفات العربيه هو التلاقي سرا ، والرفض علنا.

الكلمات والمواقف والحجج والقدره علي المناوره علي مائدة التفاوض هي تعبير عن القوه خلف الاطراف ، واطراف الصراع تذهب الي مائدة التفاوض وعند كل منها تقدير لميزان القوي ، توازن كان او تباين ، وايضا تقدير لتوفر ارادة الصراع لدي الطرف الآخر، وتقدير لاهدافه ومداها والي اي حد يتمسك بها ، ثم قدرته علي استخدام الزمن ، هل انقضاء الزمن لصالحه ام هو علي حسابه ، ثم ماذا هو فاعل ان لم يتحقق بالتفاوض الحد الذي يرغبه من تحقيق لاهدافه.

وانابوليس كان تعبيرا مخلا لكل الاطراف في استخدامهم لقضية الشعب والوطن الفلسطيني ، جميعها تهرب من الوحل او الهزيمه او الانقسام ، وهي جميعها تضمر غير ما تعلن ، حتي ان متابعة بسيطه لتصريحات الاطراف الثلاثه ، اصحاب المولد او العرس ، فور انتهاء حفل اليوم الواحد بانابوليس، كانت كاشفة لمرارة الحقيقية كما سبق وكتبناها في مقالات سابقه.

العرب في حالة دفاع عن النفس ، سواء في مواجهة الوجود الصهيوني الاستيطاني فوق ارض فلسطين ، او في مواجهة ما يسمي بالحرب علي الارهاب ، وهي في حقيقتها حسم نهائي لقضيتي القوميه العربيه والحضارة الاسلاميه وبالقوه العسكريه ، وفوق ذلك هم في حالة دفاع عن النفس بشأن التنميه والعدل الاجتماعي ، ولا افصل هنا بين العرب شعوبا او قوي سياسيه او نظم الحكم ، فعندما يكون الخطر خارجيا فهو لا يفرق بين من يحتشدون تحت العلم ، بل يري الجميع هدفا ، مهما كان ذكاء قنابله ، والعرب وفق هذا المدلول امامهم جدول اعمال متسع يتطلب استدعاء كامل للقدره والاراده.

ان محاولة استدعاء اللاءات العربيه الثلاث ، لا صلح لا اعتراف لا تفاوض ، يراها البعض نوعا من الخلل في الاداء والخيارات ، ولكن في الوقت ذاته فان الاعتماد علي لغة جسد (Body Language) كونديليزا رايس لدي مصافحتها للوفد السوري ، كما عبر احد اعضاء الوفد السوري ، هي نوع من الخبل السياسي – ولا املك لفظا آخر يعبر عن الحاله – لن يؤدي الي استرداد الجولان. وعندما تصبح العلاقات بين الدول مرتبطه بلغة الجسد ، تسقط شرعية "حق التحرير".

في اجواء هزيمة يونيو 1967 العسكريه اعلن العرب لاءاتهم الثلاث في مؤتمر الخرطوم ، لكنهم يومها كانت تحكمهم قاعدة انهم خسروا معركة ولم يخسروا الحرب ، ووضعت القدره العربيه بشرا وفكرا وثروة خلف رؤية أن الحرب لم تنتهي ، وارادة عقيدة قتاليه "أن ما اخذ بالقوه لن يسترد بغير القوه" ، وان العالم لا يستمع لمنطق حق ما لم تكن وراءه قوة تدعمه ، وقادرة علي فرضه ان عجزت الدبلوماسيه. ولا يملك العرب بعد اربعون عاما الا رفض المصافحه ، بعد ان اعلنوا ان حرب 1973 هي آخر الحروب ، اي اسقطوا خيار الحرب ، بينما لم تسقطه اسرائيل ، واسقط العرب سلاح البترول ، وتحصل علية اسرائيل من مصر بكرم شديد علي حساب الاقتصاد المصري ، واسقط العرب أن اسرائيل "استعمار استيطاني صهيوني" لفلسطين ، لتعلن اسرائيل انشاء البانتوستان الفلسطيني "لطرد باقي الفلسطينيين" من ارض ماقبل 1948 ، ولتلغي من جدول الاعمال حق العوده للفلسطينيين من ملاجئهم.

وتعلن اسرائيل يوم 2/12/2007 ان الاوامر صدرت بتصعيد العمليات العسكريه ضد غزه ، بعد قطع الامداد بالوقود ، وتعلن ليفني مرة اخري ان انابوليس حرر اسرائيل من بحث القضايا النهائيه ، وأقر التفاوض وفق خارطة الطريق ، وابعد التدخل الدولي في امر التفاوض.

سوريا لبنان ايران العراق فلسطين السودان الصومال، قضايا ساخنه ، علي جدول الاعمال العربي ، تحت عنوان الدفاع المباشر عن الذات ، ويلحق بها قضية الانسان العربي والتنميه ، تحت عنوان بناء الذات.

في مارس القادم تنعقد القمه العربيه الدوريه في دمشق ، ورغم انفضاض الشعب العربي من حول مؤتمرات القمه ، وعدم ثقته في امكانية ان يصدر عنها غير الخلاف العربي ، لكننا سندخل في روعنا بالقوه احتمال ان يكون هناك من يسمع ، ونسأله : لماذا لا تحمل القمه القادمه شعار " المقاومه العربيه " ، وان كان هذا شعارا كليا ، الا انه من الممكن تفصيله الي مهام ، منها ما يسبق الانعقاد تأكيدا علي التوجه ، ومنها ما يتم خلاله.

· لبنان مهمة اولي وعاجله ، فالنصر الذي حققته المقاومه يجب علي العرب استثماره ، ورغم مرور عام ، فما زالت الفرصه قائمه ، لاعادة اللحمه بين العرب ولبنان المقاومه وقد تكون هناك مهام عاجله وواجبه سواء عقد المؤتمر ام لم يعقد ، اذا اراد العرب استرداد قبولا شعبيا بلقاءاتهم:

1. الغاء حالة الرفض المعنوي والسياسي لحزب الله.

2. تحجيم الرعونه السياسيه لجماعة "14 آذار" ، والتي تعتمد علي دعم عربي اكثر منها وجودا مقاوما لصالح لبنان ، وفي الوقت ذاته تنضوي بتهافت مهين تحت وصاية السفير الامريكي.

3. الادراك السياسي والقومي بان "ميشيل عون" هو الرئيس الطبيعي للبنان ، سياسيا وطائفيا ووطنيا وقوميا ، وان الزج باسم ميشيل سليمان قائد الجيش هو هروب من استحقاق يمكن لبنان من مواجهة تحديات لم يختارها ولكن فرضت عليه في غياب عربي مهين. اختيار سليمان سيؤجل الانفجار بعض الوقت ، ولكنه لن يأتي باستقرار يعبر عن القوي الفاعله في الداخل اللبناني قدر تعبيره عن خيارات خارجيه.

ان صلافة وغرور السفير الامريكي ، وارتماء جماعة "14 آذار" في عباءته ، سوف يدفع العرب ثمنه ، وليس اللبنانيون وحدهم . والتغاضي عن افعال حكومة السنيوره سوف يخلق لدينا "ابومازن" جديد.

فهل يتوقف العرب عن الاهتمام المدمر بلبنان ، ويعودوا الي مهام تدعم لبنان المقاوم. لعلهم يستردون ثقة الشعوب في قممهم .

· فلسطين مهمة اخري ، والمهام العاجله تتجاوز السياسه الي العمق الانساني ، فحصار واحتمالات الاجتياح الاسرائيلي لها يجب ان يعلن العرب انهما خطا احمر امام ابومازن واسرائيل ، هذا اذا اراد العرب ويمكنهم ولكنهم لم يجربوه ، وهناك قبل القمة العربيه القادمه ، مؤتمر موسكو او انابوليس 2 ، ويجب اعلام ابومازن أن سلطة البانتوستان الفلسطيني التي ذهبت منفرده الي انابوليس ، ليس مقبولا منها ان تذهب وخلفها دماء فلسطينيه تسيل في غزه ، وان فعل ، فهو بهذا يتحدث عن نفسه وليس عن شعب ومقاومه ، وان موقفا عربيا سوف يتجاوزه ، وهو امر ايضا ممكن للعرب ان ارادوا.

فهل يستعيد العرب حقيقة ان القضيه الفلسطينيه قضية امن قومى عربي ؟

· ايران الشريك الجغرافي والديني والحضاري ، ودعوة احمدي نجاد الي قمة التعاون الخليجيه مثالا جيدا "للشكل" في التعامل ولعله يكتسب "المضمون" ، فلماذا لا تتم دعوة ايران الي لقاء دمشق ؟ خاصة وان خافير سولانا خرج يوم الجمعه الماضي من لقاءه مع سعيد جاليلي في لندن "محبطا" مما يشير الي تزايد احتمالات المواجهة الايرانيه الامريكيه ، خاصة اذا ظلت روسيا والصين علي موقفهما الرافض للحصار ، وقمة مارس تتم في دمشق في توقيت يرشحه المراقبون لان تتم المواجهه الامريكيه الايرانيه اثناءه.

· وتبقي سوريا التي سينعقد علي ارضها اللقاء القادم ، ولم تتعافي من هجمة اسرائيليه في اول سبتمبر الماضي وكانت هدفا لحرب اعلاميه من امريكا واسرائيل وجماعة "14 آذار" ، وينظر اليها انها في جدول الاهداف الامريكيه الاسرائيليه ، ومعها المقاومه وايران ، والعرب ينفضون ايديهم منها ، وهي وسط ذلك كله مازالت تري ان الدبلوماسيه وحدها سبيل استعادة ارضها في الجولان ، ولكنها نجحت في الاكتفاء الذاتي من القمح ، ويمكن ان تصبح خلفها قوة العرب إن اراد العرب ذلك وهم يمكنهم ولكنهم يسعون وبوضوح بالغ لتقديمها قربانا علي المذبح الامريكي الاسرائيلي ، فهل هناك فرصه لعودة الوعي العربي ؟

الازمه العربيه الراهنه ، والممتده منذ اعقاب حرب اكتوبر 1973 ، يمكن للعرب عبورها ان امتلكوا الرغبه والاراده ، ومحاولة عبورها لها ثمن يجب دفعه ، وهو بالقطع وبحساب الربح والخساره للامم الحيه ، ثمن مقبول وممكن ، ويتطلب مواجهة النفس وبصدق والاجابه عن سؤال : الي اين اودت بنا خياراتنا السابقه العكسيه والمناقضه لمصالحنا منذ صمتت المدافع علي جبهتي القناه والجولان ؟

مصطفي الغزاوي

نشرت بالشرق القطريه بتاريخ 5/12/2007

0 comments: