١٥‏/١٢‏/٢٠١٠

مصر مستقبل التغيير "4"

مصر مستقبل التغيير "4"

"اللجنه الوطنيه و المؤسسه العسكريه"، يمكن أن يكون عنوان هذا المقالٍ، فالسعي الدائم للبحث في "ما العمل؟" وصل إلي نقطتين أقد أبحث فيلبحث في "ما العمل؟" يساسيتين، من الاهميه عدم تركهما للظنونأو الاحتمالات، خاصة وأن الكثيرين من المهتمين بالشأن العام يقرأون بطريقة "التاك أواي"، ليست وجبه تشبع من جوع، وأيضا غير مأمونه صحيا. ويضعون من حول العقول سياجا من الشكوك يحول بينهم وبين التفاعل مع أفكارا مطروحة للمناقشه.

ذلك فضلا عن أننا مستغرقين في هذا الحوار، بينما تشتعل الأرض العربيه من حولنا وتتفجر في مشاهد اللحظات الاخيره والغير قابله للتكرار، في العراق وقد أصابته ويكي ليكس بوثائق كاشفه، الي لبنان الذي تكاد تنفجر فيه حالة الوفاق الداخلي بينما اسرائيل تتربص، الي فلسطين وأبو مازن قد وضع مجمل القضيه الفلسطينيه علي المذبح الامريكي ويرقص رقصة الهنود الحمر من حولها، الي سودان التقسيم والنكبة الأخيره التي يمكن أن تودي بالوجود العربي ذاته، الفوضي الخلاقة تؤتي أكلها، لذلك ليس من الحكمه أن تطلق علينا نيران القتل من كل الجبهات، ونظل نكتب في جدل عقيم حول الحق والخير والجمال، بل الواجب الإرتقاء الي مستوي التحدي أو الصمت، وحينها سيكون صمت القبور.

النقطه الاولي " قيادة العمل" ذاته، وهي خطوة جوهريه في تحقيق مخطط العمل والحشد والتوعيه والقدره علي إتخاذ القرار في الوقت المناسب في مسيرة حركة التغيير، مما يعني وجوب توافر خصائص القياده والمعرفه في مكوناتها وليس مجرد الحضور الجماهيري أو الاهتمام السياسي، وهو أمر يقوم علي الانتقاء والاعداد ولا يقوم علي التداعي بالصدفه او بظروف عابره.

وقد أضفي الوعي باتساع المهمه علي المستوي الوطني ضرورة الدخول الي تكوين جديد للجنة القياده يضيف الي الاشخاص مؤسسات مجتمعيه، تعتبر مراكز بحث وتفكير كالمركز القومي للبحوث الاجتماعيه ومركز الاهرام للدراسات الاستراتيجيه، او مؤسسات رقابيه كالجهاز المركزي للمحاسبات، أو مؤسسات معلوماتيه كالمركز القومي للمعلومات ودعم القرار، أو مؤسسة علميه أصبح استدعاؤ أو مؤسسة علميه أصبح استدعاءرات الافراد قبولا او رفضا، هي تحديات تفرض نفسها، وتستدعي أعلي علوم العسكريه، فالغد يجمل من التحدياتها للحوار مدخلا طبيعيا لدور هو قائم بالفعل وهي أكاديمية ناصر للعلوم العسكريه، فالغد يحمل من التحديات ما لا يمكنه الاعتماد علي خيارات الافراد قبولا او رفضا، هي تحديات تفرض نفسها، وتستدعي أعلي حالات اليقظه.

والنقطه الثانيه هي "المؤسسه العسكريه"، وتكاد تكون المؤسسه العسكريه هي القوة المسكوت عنها، والتي أستدعيت الي دائرة الضوء في معرض المكاشفه والمصارحه في الحديث عن التغيير، ومن كتب عن التغيير في مصر ربط بين الاتجاه الي تحقيقه سلميا، وبين الدعوه لحضور المؤسسه العسكريه بموقف يؤمن عملية التغيير ويحميها ان تنحرف بأهدافها في لحظات لا يتحمل المجتمع أي مغامره بنفس قدر فقدان القدره علي انتظار التغيير بلا حدود. إتجه الي هذا الاستاذ محمد حسنين هيكل عندما تحدث عن مشروع أمناء الدستور، وانتهينا في المقال السابق الي تصور بدور جوهري عرض له الدكتور عمرو الشوبكي في حديثه عن القوه الثالثه، وذهب أبعد من التأمين الي الحضور المادي بشخصية "سوار الذهب المصري". وبين الاقتراحين تعرض البعض سواء برسائل مباشره الي المؤسسه العسكريه تحريضا لدور يحول دون التوريث، وفقط، أو بإثارة أسئلة والاجابة عنها تائهة، وكأنه حديث عن مجهول لم يجري التعامل معه ولا ندرك مكوناته.

عملية التجهيل بشأن المؤسسه العسكريه قد تكون أمرا مقصودا، ولكنه غير جائز في هذه المرحله من تاريخ مصر، ولقد واجهت مصر معضلة العلاقة بين المؤسسه العسكريه والدوله في أعقاب 1967 ، ولكن الفتره التاليه قد وضعت اساسا للعلاقه عبر المجلس العسكري الاعلي ومجلس الدفاع الوطني، حيث خاضت القوات المسلحه ثلاث مهام متداخله متتاليه كانت الامه كلها تحت السلاح وخلف هدف إعادة بناء القوات المسلحه من أجل تحرير الارض، وخاضت حرب الاستنزاف او حرب السنوات الست، ثم خاضت حرب التحرير وحققت نصرا عسكريا غير أن السياسه أودت بنتائج ما حققه السلاح والرجال، ويجب الاعتراف أنه لا يمكن تجاهل وزن القوات المسلحه في مواجهة أي انحراف بالاداء، حتي إن البعض أخذ عليها أن الانقلاب علي الدستور والتفريط في مكاسب الفلاحين والعمال والقطاع العام كان يجب أن تحول القوات المسلحه دون حدوثه، لأن ذلك كان خروجا علي الدستور، والتي تقع مسئولية حمايته علي القوات المسلحه.

ويخطئ البعض إن أعتقد أن الحديث عن دور للمؤسسه العسكريه هو مناقض لعملية التغيير أو هو خروج بالمؤسسه عن دورها أو هو ـ كما يحلوا للبعض أن يصوره اتهاما ـ عودة الي حكم العسكرتاريه، وهم يعنون به الحكم من 1952 الي اليوم، وكأن لديهم بديل يمكن عرضه علي الاختيار داخل الوطن، هي محاولات للفصل بين دور مطلوب وقوة يملكها الشعب وأقسمت ولاءا لصالحه ولم تقسم ولاءا لغيره، بينما الطرف الآخر يدرك معني المؤسسه وقدرتها ويسعي الي الايحاء ان موقفها مؤيد له. لاءاوة يملكها الشعب وأقسمت لصالحه ولم تقسم ولاءا لغيره يمكن عرضه علي الاختيار داخل الوطن، وللأسف فإنها محاولات للفصل بين دور مط

وغير قيادة العمل والمؤسسه العسكريه، أصبحت هناك ضرورة لادراك محتوي ما يسمي بالاحزاب السياسيه، ولم يعد مستساغا أن تستمد هذه الكيانات مضمونها عبر الاسم والرخصه وشعار بدون عمل أو علاقة جماهيريه، بل انها صارت ايضا عبئا علي حركة التغيير، وعلي هذه الاحزاب أن تعطي مبررا شعبيا غير الرخصه أو قبول النظام لها ليمكن دخولها في الحساب. كما أن جماعة الاخوان المسلمين أصبحت مطالبه بمنهج يبرر قبولها داخل المجتمع وليس مجرد شعارا دينيا أو قدرة علي الحشد ينتهي وصوله الي حدود ما تقبل به الجماعه وليس ما يحتاجه الوطن.

ولقد فرض ذلك كله التأكيد بالوعي بما يلي:

1. ان الحديث عن الشعب ليس هناك بديل عنه الا حديثا عن السكان، لنتوافق ووزراء الصدفه الذين لا يملكون أية مشروعيه لوجودهم سوي غياب الاراده الشعبيه ، ورؤية وطنيه لمصر لا تقع تحت براثن الصندوق الدولي.

2. أننا لا نقترب من عملية التغيير دون وعي بضرورات استعادة القدره علي وضع تصور لمصر المستقبل ، لابناءها ، وفق معادلات انتاجيه وتنمويه وتكافؤ في الفرص وحق العمل داخل الوطن والعداله الاجتماعيه وقواعد الانتماء والاداء والتقييم دون التمييز.

3. أننا ونحن ندعو للتغيير وبكل الادوات الممكنه، لا نقبل أن تواجه حركة التغيير اتهامات الارهاب التي سيطرة علي العقل العربي، تارة عندما تخلت الحكومات عن واجباتها وواجهتها جماعات أسستها هي ورعتها لتكون ادواتها في مواجهة المطالبات الشعبيه والقوميه، وانقلب السحر علي الساحر وبنفس الادوات التي التي أتيحت لهذه الجماعات لمواجهة التيارات التقدميه والقوميه داخل المجتمعات، وتعود ذات الحكومات لتقع تحت طائل الابتزاز الامريكي والغربي في الادعاء ان المجتمع العربي والاسلامي فيه علي وجه الخصوص هو مجتمع ارهابي، ويضيع حق مقاومة المحتل تحت دعاوي الارهاب الواجب مقاومته.

4. يجب الاعتراف أن التعبير السياسي عن العمال والفلاحين يتسم بالقصور، وهو ما قد يؤثر علي اسهامهم في الحوار الوطني، ويفرض أن تتسع مساحة الفترة الانتقاليه بما يسمح لهذه القوي بالتعبير الصحيح عن نفسها. ويثور جدل حول مسألة الخمسين في المائه عمال وفلاحين، تحت دعاوي أنها كانت مؤقته لحين استقرار الاوضاع الاجتماعيه، والسؤال، أين هو هذا الاستقرار؟ بل نكاد نقول أن اللحظه أصبح فيها وجود نسبة محددة لتمثيل جاد وحقيقي للعمال والفلاحين أشد ضرورة وأهمية من حصة لتمثيل المرأه دون أي مبرر اجتماعي وسياسي مستساغ سوي "أنا لا أتغير ولكني أتجمل"، لذلك فإن حوارا حول هذا الأمر يتطلب فسحة من الوقت والاتصال.

أن اي تغيير يتم نتيجة أداء إستضافته الصالونات أو القاعات المغلقه، هو إغتراب عن المجتمع وإحتياجاته، لذا فإن الحديث عن "اللجنه الوطنبه والمؤسسه العسكريه" لم يكن جملة أعتراضيه ، ولكنه إيضاح واجب لان ما نريده هو كل المجتمع وليس جزءا لأولئك زآخر لهؤلاء.

مصطفي الغزاوي

elghazawy@gmail.com

نشرت بالشرق القطريه في 2 نوفمبر 2010

0 comments: